يقول الله تبارك وتعالي وهو أصدق القائلين :
"ألم نجعل له عينين ولسانا وشفتين وهديناه النجدين " .
ان نعم الله علي الإنسان كثيرة "وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها إن الإنسان لظلوم كفار "
ومن هذه النعم نعمة اللسان .
فاللسان : عضو الكلام في الإنسان خلقه الله لك لتعبر به عن ما في نفسك وتذكر به الله وتقرأ به القرآن .
وشكر النعمة أن تستخدمها فيما خلقت من أجله
وصدق من قال :
إذا كنت في نعمة فارعها فإن المعاصي تزيل النعم
وداوم عليها بشكر الإله فإن الإله سريع النـــــــقم
واللسان وإن بدي لنا صغيرا في حجمه إلا أنه خطير في أهميته وقدره .
ولم لا ؟
فهو معيار الإسلام .
عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما عن رسول الله صلي الله عليه وسلم
قال "المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده "
وهو معيار الرجولة .
فقد جاء في الخبر " المرء بأصغريه قلبه ولسانه ".
وهو معيار لصلاح القلب .
قال صلي الله عليه وسلم " لا يستقيم إيمان عبد حتى يستقيم قلبه ولا يستقيم قلبه حتى يستقيم لسانه " .
وهو مرآة تكشف عن الإنسان .
قال علي رضي الله عنه " قلب المنافق وراء لسانه ولسان المؤمن وراء قلبه " .
وهو سبب الهلاك .
فقد سئل النبي صلي اله عليه وسلم عن أخطر ما يدخل الناس النار ؟
فقال : الأجوفان ( الفم والفرج ) .
وهو سبب النجاة .
قال الشافعي رحمه الله
احذر لسانك أيها الإنسان ليلدغنك إنه ثعـــــــــبان
وكم من رجل مات شهيد لسانه كانت تهابه الشجعان
واسمع لربك " يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا يصلح لكم أعمالم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما "وقال صلي الله عليه وسلم " رحم الله امرأ قال خيرا فغنم أو سكت فسلم "
ولقد حذر القرآن من الكلام الخارج حتى لو كان قليلا
فقد حذر من كلمة أف وإياك أن تظن أن الإفلات من الله أمر يسير فقد هيأ الله لك
ستة أنواع من الشهود :
الجوارح والأركان والزمان والمكان والكرام الكاتبين والكتاب الذي تسجل فيه أعمالك ونفسك.
وأما الجوارح والأركان : فيختم الله علي اللسان ويأمر الجوارح والأركان فتنطق اليد بما كسبت والرجل بما عملت " اليوم نختم علي أفواههم وتكلمنا أيديهم وتشهد أرجلهم بما كانوا يكسبون "
أما الزمان : فما من يوم ينشق فجره إلا وينادي مناد " يا بن آدم أنا خلق جديد أنا بعث جديد علي عملك شهيد فاغتنمني فإني لا أعود إلى يوم القيامة "
وأما المكان : فاسمع لربك "إ ِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أثقالها و قال الْإِنسَانُ مَا لَهاَ يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أخبارها بأن رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا " .
وأما الكرام الكاتبين : فقد قال الله "وإن عليكم لحافظين كراما كاتبين يعلمون ما تفعلون "
وأما الكتاب " فاسمع لربك " هذا كتابنا ينطق عليكم بالحق إنا كنا نستنسخ ما كنتم تعملون
وأما نفسك : قال الله " اقرأ كتابك كفي بنفسك اليوم عليك حسيبا " .
فلا تستهن عبد الله بالكلمة . فكلمة بسيطة قد ترفعك درجات وقد توردك المهالك .
وقال علي رضي الله عنه
" من كثر كلامه كثر سقطه ومن كثر سقطه كثر غلطه ومن كثر غلطه قل حياؤه ومن قل حياؤه مات قلبه ".
من أجل هذه الأسباب مجتمعة فإن الأعضاء تشفق علي اللسان وترجوه ألا يخطئ
فما من يوم ينشق فجره إلا والأعضاء تذكر اللسان وتقول له
اتق الله فينا فإنما نحن بك إن استقمت استقمنا وإن اعوججت اعوججنا .
لذلك فمن رحمة الله بالعبد أن جعل له لسانا واحدا وأذنين حتى يتكلم قليلا ويسمع كثيرا
ومن فضله أن جعل علي لسانه قفلين قفل من لحم وآخر من عظم حتى يفكر الإنسان في الكلمة قبل أن يقولها .
وقد قيل طالما لم تنطق بالكلمة فأنت تملكها ولكن إن نطقت بها ملكتك هي .
ومادام اللسان بهذه الخطورة والكلمة بهذا التأثير فلا خلاص للإنسان إلا بأحد أمرين
إما بالصمت وإما بالكلام الحسن .
فأما الصمت فهو يكسبك صفو المحبة ويجنبك سوء المغبة ويلبسك ثوب الوقار ويجنبك مؤنة الإعتزار
فاعقل لسانك أيها الإنسان إلا عن حق توضحه أو باطل تدحضه أو حكمة تنشرها أو نعمة تذكرها .