ماذ تعرف عن الصهيونية ؟
----------------------------------------
لكثير من الناس لا يعرفون الفارق بين الصهيونية و اليهودية .. و هل الإثنان مرادفان لشئ واحد أم أن بينهما تضاد .. لذلك سنحاول هنا أن نوضح ما هى الصهيونية و ما أوجه هى الإختلاف بينها و بين الديانة اليهودية .
الصهيونية كلمة مشتقة من إسم ( جبل صهيون ) فى القدس , و هو يشير – فى التراث الدينى اليهودى – إلى الأرض المقدسة ككل .. و يعتقد اليهود فى عقيدتهم أن المسيح المخلِّص – و هو ملك من نسل الملك داود – سيأتى فى آخر الزمان ليجمع اليهود من شتاتهم و يعود بهم إلى أرض الميعاد , و يحكم العالم من جبل صهيون و يتخذ من أورشليم عاصمة له , و بعد ذلك يبدأ الفردوس الأرضى الذى سيدوم ألف عام , حيث يعم الخير و العدل و السلام العالم كله .. هذا فى العقيدة اليهودية .
أما الصهيونية كحركة سياسية فلم تظهر إلا عام 1897 عندما عقد ثيودور هرتزل المؤتمر الصهيونى الأول .
و لأن القرن التاسع عشر هو عصر القوميات فإن الدولة اليهودية ماهى إلا صورة من صور القوميات على النمط الغربى تماماً .. و قد إنبثقت الحركة الصهيونية من النزعة الإستعمارية التى سادت أوروبا فى ذلك العصر .. أى ينبغى إقامة هذه الدولة اليهودية فى مكان شاغر فى العالم دون عمل إعتبار للسكان الأصليين .
و لم يكن للمكان أهمية كبرى فى نظر هرتزل , لذلك إقترح فى البداية عدة أماكن لإقامة هذه الدولة مثل أوغندا و الأرجنتين و ليبيا ثم وقع الإختيار أخيراً على فلسطين .
و خوفاً من رفض اليهود للهجرة إلى فلسطين , إستخدمت الحركة الصهيونية و على رأسها هرتزل المعتقد الدينى لليهود فى سطر أسطورة العودة إلى أرض الميعاد .. و الإدعاء بأن اليهودى الذى يموت خارج أرض الميعاد يظل جسده يصرخ حتى يدفن فى أرض الميعاد .. و ضرورة إعادة بناء الهيكل الذى هدمه الرومان منذ ألفى عام .. مع تحويل جميع الشعارات و الرموز الدينية إلى شعارات و رموز دنيوية سياسية .. كما تعمل الحركة الصهيونية على تأجيج إحساس اليهود بالإضطهاد و بأنهم ضحايا العداء الأزلى الذى يكنه الآخرون لهم , و ذلك كى يفقدوا الشعور بالإنتماء إلى أوطانهم التى يعيشون فيها , ليكون خلاصهم فى الهجرة إلى إسرائيل و الولاء لها فى النهاية .
و لذلك حينما ظهرت الحركة الصهيونية عارضتها العديد من المنظمات اليهودية فى العالم .
و يحرص الصهاينة بشدة على طمس الفارق بين الصهيونية و اليهودية , و يعملون على إقناع الآخرين بأن الصهيونية تتفق مع اليهودية .. لذلك كلما حاول أى شخص إيجاد الفوارق و كشف زيف الإدعاءات الصهيونية يرفعون الدعاوى القضائية ضده و يتهمونه بما يطلقون عليه معاداة السامية .
و رغم تنوع المدارس الصهيونية ما بين يمينة و يسارية و دينية و ملحدة و رأسمالية و إشتراكية و إختلاف إتجاهاتها و رؤيتها للصهيونية .. إلا أنها تتفق جميعاً على إسقاط حقوق الفلسطينيين .. و قد ظلت المقولة الأساسية التى تستند إليها كل التيارات الصهيونية هى مقولة ( الشعب اليهودى ) , أى الإيمان بأن الأقليات اليهودية فى العالم لا تشكل أقليات دينية لها إنتماءات عرقية و قومية مختلفة , لكنها تشكل أمة متكاملة موجودة فى الشتات أو فى المنفى بعيدة عن وطنها الحقيقى فى فلسطين .
و يمكن تقسيم المدارس الصهيونية كلها إلى فرقتين أساسيتين :
صهيونية إستيطانية : و تهدف إلى تجميع اليهود و توطينهم فى فلسطين .
صهيونية تدعيمية : و تهدف إلى تجنيد اليهود فى جميع أنحاء العالم ليتحولوا إلى جماعات ضغط تعمل لمصلحة إسرائيل .
و الحركة الصهيونية عنصرية سواء فى موقفها من العرب أو من يهود الشتات .. فهى تنكر على الفلسطينيين حقهم فى وطنهم .. و تنكر أيضاً على يهود الشتات حقهم فى الإنتماء إلى الأوطان التى يعيشون فيها , و تفترض دائماً أنهم يتسمون بحالة من الشذوذ المرضى .
و لذلك نجد معارضة يهودية تتركز بين اليهود الإندماجيين الذين لا يريدون ترك أوطانهم الأصلية من أجل الإنتماء إلى وطن وهمى , مثل بعض اليهود الإشتراكيين الذين يعتبرون الصهيونية حركة إمبريالية تستخدم اليهود من أجل مصالحها الإمبريالية , كما أن هناك فريقاً من اليهود الأرثوذكس يعارضون الصهيونية بإعتبارها نوعاً من أنواع الكفر و الإلحاد.